الـعين أحكام وتنبيهات
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد فهذه كلمات مختصرة حول الإصابة بالعين وما يتعلق بها من أحكام وتنبيهات نسأل الله أن ينفع بها . آمين .
تعريفها وكيفية حصولها ؟
العين مأخوذة من عان يعين إذا أصابه بعينه و أصلها من إعجاب الظعائن بالشيء ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرها إلى المعين .
هل لها حقيقة وتأثير ؟
نعم لها حقيقة وتأثير بإذن الله الكوني القدري ، وهي حق ثابت شرعاً و حساً قال الله تعالى: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) (القلم:51) قال أهل العلم في تفسيرها أي يعينوك بأبصارهم ، و قال e " العين حق " رواه البخاري ومسلم .
ما حكمها ؟
حكمها الحرمة كالسحر ؛ وذلك لما فيها من أذى للمسلم وغيره ،[ انظر فتاوى اللجنة الدائمة 1/547]
أسباب الإصابة بالعين ؟
ضعف الإيمان بالله تعالى ، والغفلة عن ذكره . ترك بعض الواجبات ، أو فعل بعض المحرمات . شدة العداوة بين العائن والمعين . شدة الإعجاب بالشئ .
من علامة الإنسان المصاب بعين :
( صداع - صفرة في الوجه - كثرة التعرق والتبول - ضعف الشهية - تنمل أو حرارة أو برودة في الأطراف - خفقان في القلب - ألم متنقل أسفل الظهر والكتفين - حزن وضيق في الصدر - أرق في الليل - انفعالات شديدة من خوف وغضب غير طبيعي ) وقد توجد هذه العلامات أو بعضها حسب قوة العين وكثرة العائنين . [ كيف تعالج مريضك/ السدحان 37]
من أمثلة الأمراض التي قد تسببها العين :
بعض أمراض السلطان أو الجلطة ، أو الربو ، أو الشلل ، أو العقم ، أو السكر ، أو الضغط ، أو عدم انتظام الدورة الشهرية لدى النساء … [ كيف تعالج مريضك/ السدحان 25]
الفرق بين العين والحسد.
كل عائن حاسد وليس كل حاسد عائناً ، والحسد يكون عن حقد وبغض وتمنى لزوال النعمة ، أما العين فيكون سببها الإعجاب والاستحسان للشيء ، والحاسد يمكن أن يحسد في الأمر المتوقع قبل وقوعه بينما العائن لا يعين إلا الموجود بالفعل.
هل الإصابة بالعين تتوقف على رؤية العائن للمعين ؟
نفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية بل قد يكون أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره ، وكثير من العائنين يؤثر في المعين بالوصف من غير رؤية [ زاد المعاد 4/167]
* هل يحجر على من عُرف بالإصابة بالعين من مداخلة الناس ؟
قال القاضي عن بعض أهل العلم : إنه يبغي للإمام منع العائن إذا عرف بذلك من مداخلة الناس وأن يلزم بيته فإن كان فقيرا رزقه ما يقوم به فإن ضرره أشد من ضرر المجذوم . قال النووي :" هذا صحيح متعين ولا يعرف عن غيره التصريح بخلافه " [ انظر شرح مسلم 14/145] وقال ابن القيم " هذا الصواب قطعاً" [ زاد المعاد4/168] ففي الحجر عليه دليل على خطورة العين وأنها حق ، ولما يترتب عليها من مفاسد كبيرة في الأنفس والمجتمعات .
من أسباب دفع العين :
1. تجديد الإيمان بالله والإخلاص له ، والتوكل عليه . وكثرة ذكره .
2. الإكثار من قراءة القرآن الكريم عموما قال تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً ) (الإسراء:82) .
3. قراءة آية الكرسي . في الحديث : ( إِذا أَويتَ إِلى فِراشِكَ فَاقرأ آيةَ الكُرسِي ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم) (البقرة:255) . حَتى تختم الآية فِإنك لَن يَزال عَليكَ مِن الله حَافِظ ، ولا يَقرَبك شَيطانٌ حَتى تُصبِح ) رواه البخاري .
4. قراءة آخر آيتين من سورة البقرة ( 285- 286) ففي الحديث : ( مَن قَرأهُما في ليلةٍ كَفتَاه ) رواه البخاري ومسلم . معنى كفتاه : أي كفتاه من كل سوء .
5. قراءة ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) . ثلاث مرات . في الحديث : ( اقرَأ : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) والمعَوذِتين حِينَ تمسِي وحِين تُصبِح ثَلاثَ مَراتٍ تَكفيكَ كُل شَيء) صحيح الجامع ( 4406) .
6. المحافظة على الصلاة في وقتها ، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء .
7. عدم إظهار المحاسن عند من يخشى منه ذلك ، قال ـ سبحانه ـ عن يعقوب ـ عليه السلام ـ: وَقَالَ يبَنِىَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرّقَةٍ وَمَا أُغْنِى عَنكُمْ مّنَ اللَّهِ مِن شَىْء إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكّلُونَ [يوسف:67]. قال ابن عباس وغيره: (إنه خشي عليهم العين)
وروي أن عثمان بن عفان رضي الله عنه رأى صبياً مليحاً فقال : دسموا نونته ، كي لا تصيبه العين )
ومعنى دسموا : أي سودوا نونته ، وهي الثُقْبَة التي تكون في الذقن . [شرح السنة]
8. الصدقة والإحسان فإن لهما تأثيراً عجيباً في دفع البلاء والعين وشر الحاسد.[ انظر بدائع الفوائد 3/238]
علاج العـين :
أولاً: اغتسال العائن للمعيون :
إذا عرف العائن يؤمر بالاغتسال ثم يؤخذ بالماء الذي اغتسل فيه ويصب على المحسود من خلفه فيبرأ بإذن الله تعالى . فعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال : اغتسل أبي سهل بن حنيف رضي الله عنه بالحزار (من أودية المدينة) فنزع جبة كانت عليه ، وعامر بن ربيعة ينظر إليه ، وكان سهل شديد البياض ، حسن الجلد ، فقال عامر : ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة عذارء . فوعك سهل مكانه،واشتد وعكه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوعكه، فقيل له ما يرفع رأسه ، فقال : ( هل تتهمون أحدا ؟ ) قالوا : عامر بن ربيعة . فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ عليه، فقال : ( عَلامَ يَقتُل أَحدكُم أَخاه ، أَلا بَركتَ ! اغتَسِل لَه ) . فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب عليه من ورائه فبرأ سهل من ساعته . رواه أحمد صحيح الجامع[ 3908 ]
وقال ابن باز رحمه الله : " وقد جربنا أن غسل الوجه والمضمضة وغسل اليدين وحده يكفي في إزالة العين إذا اتهم إنساناً معيناً ولو لم يغتسل " [ كيف تعالح مريضك/ السدحان /42]